من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
26589 مشاهدة
باب الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه

قال رحمه الله: باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه.
حدثنا إسماعيل قال: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعا .
حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن حميد بن هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له .


النعي: هو الإخبار بموت الميت، حتى يستعد لتجهيزه إن كان قريبا، أو حتى يترحم عليه إن كان بعيدا، ففي الحديث الأول: أنه صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي يوم موته، النجاشي هو ملك الحبشة ومعنى نعيه: الإخبار بموته.
قد يطلق النعي على النياحة، ولكن النياحة لا تجوز؛ فالنعي: هو مجرد الإخبار، أخبر بأنه مات، ثم أمرهم بأن يصلوا عليه صلاة الغائب، النجاشي كان قد أسلم، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم من المهاجرين الذين هاجروا إلى الحبشة وعمل بما بلغه من الشرع، وكاتب النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى إليه، وزوجه بأم حبيبة لما مات زوجها، ودفع صداقها من قبله، فدل ذلك على أنه من المسلمين؛ فلذلك أمر بالصلاة عليه، لما خرج صفهم خلفه، وصلى عليه، وكبر أربعا.
في الحديث الثاني: قصة غزوة مؤتة الجيش الذي أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لقتال الروم في سنة سبع من الهجرة أمر عليهم ثلاثة واحدا بعد واحد، ولما أمرهم قتلوا، أي: قتل أولئك الثلاثة، فأوحى الله إليه وأخبره فخطب الناس وعيناه تذرفان، يعني: يبكي، فقال: أخذها زيد يعني: أخذ الراية كأمير زيد وهو زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال له: حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: محبوبه الذي يحبه والذي يطلق عليه أنه حبه؛ لأنه كان قبل قد تبناه، أي: جعله كابنه، فكان يدعى: زيد بن محمد حتى أنزل الله ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ فقال: أنا زيد بن حارثة .
ثم أخذها جعفر بن أبي طالب وهو من الذين قدموا من الحبشة قدموا في سنة سبع وحضروا فتح خيبر ثم بعد ذلك جهزهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة في غزوة مؤتة أخذ الراية بعد ما قتل زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذها بعده ابن رواحة عبد الله بن رواحة الأنصاري الشاعر المشهور، ولما أخذها قاتل أيضا حتى قتل؛ وذلك لأن الروم أرسلوا لهم.